BLOGGER TEMPLATES - TWITTER BACKGROUNDS »

الثلاثاء، 24 نوفمبر 2009

كظلّ ٍ ملوّن


كظلّ ٍ ملوّن
ومرّةً ،
ساقني خلفه ، تأبطني حباً ، وقومعني في ذاته حتى لامست إنسانيني فوضويته المهترئة ، أراه نازعاً فارغاً من كل شيء ، إلا من نفسه وحينما أدرك أنه لا يدرك ، لملم ضرورياته بطول شاربيه وعلّقها على مشجب قريب من مرآه وغادر. للظنون رؤؤس معلّقة في السديم، ترسم الليلك بالرصاص ، تدوّر الزوايا كخيوط عنكبوت معلّق على جدران الذات ، كل المرايا تهمز وتلمز من حوله بأفواه صامتة ، تكسر المجازات وترقى فوق رفات تغفو على كتف ظل زيتونة عارية، وكل القلوب تتطاول محاسنه وأنا من بين هذا وذاك كارتعاشة غيمة في بداية المخاض، تتبوَّأ لها مقعداً في جنة الله وأرض حبه. خاوٍ هو و وحيدٌ، ممنوعٌ حتى من اللمس إلا من تلك اليد التي انتزعته من غيهب ميت لتزرعه بين موتٍ ما وميلادٍ جديد، بعيدٌ هو عن عين الرائي ليس ثمة صحبة تصافح وحدته سوى الشمس والحكايات والقدر. من العدم، امتدت خمسة أنهر رشيقة تبتدئ من نهاية بحيرة أدمه مروراً بجبل مستقيم، وراحت تنقب في الحيّز العبثي عن شيئاً اسمه إزار الأنا، نفضت فيه أول نفخة للروح تبعتها شهقة حسرى، هدت من حوله أركان الذوات وانثنت! لوجهه.. بحيرتان من لوعة، تفقس منها طقوس رمادية، تحلم بنصف جفن ووجع، ولصبابته.. حضن يتيم يرسم لتفاصيل هندامه مسافات قبور جائعة، تعتصره بألف لعنة وحسرة، وهو من بين هذا وذاك، يعلم أنه يعلم، ولكنه غارق في سفسطة ذاته الملونة، بعيداً عن عين الشمس التي تعتمر ظلاله متكأً لألوانه السبعة.قرأت الشمس ماذا ينقصني، جست الروح، الجسد والإنسان، وأحصت الثقوب التي شحَّ ضوؤها عن ملئها في داخلي، والفراغاتِ التي أحدثتها لعنات ثلاثين سنة عجاف، من بعد ما دفن حظي وجهه في الأرض كـالنعامة، وفتح مصارعيه معمورية تحيز الأضواء عني بانعكاسه بسبع لعنات تقرؤها ملامح مستقيمة تمتدّ من تحتي بوجوه عدّة، وتؤولها إلى تصريف أفعالٍ جامدة، تنهك اللغة وتبعثرها في فضاء مزروع في بتلة عقيمة، لا تطالها أيدي الملائكة. كم توجعنا الشمس! ولاسيما معي أنا، ثمة شيء يخالط هذهِ الامتدادات الضوئية التي تصل إلينا من زهرة عين تترقبنا بالمرصاد، وتنفض من مساماتنا سموماً عالقة بكاهل الروح، تلطف من درجة الإنسانية وقد تزيدها ملوحة و تلويناً، لِمَ أراني بوصلة تفضحها كل الاتجاهات وتشير إليها كل المسالك، لِمَ أراني بأكثر من أنا حين أفضح للشمس رغباتي وأقول لها أنا ثم أنا ثم أنا! أنا خطأ يحتمل الصواب، وصواب يتأرجح على لوحة ألوان خرساء، تقرأ اللون وتكتم اللغة، تصرخ وتبعثر وتهدد بالوعيد وتعفو عند المقدرة، تزمجر وتعوي عند الغروب، ترتدي ملاءة سوداء كجبل يحمل في جوفه صمتاً شاهقاً، وتعاريف أغريقية قديمة تتكئ في انحناءاتها ذاكرة الإنسان الأول، وتتعرج في خطاها حوادث مستقبلية خاوية، تنبئ عن علامات مالا يسألون، وتبشر عن الغيث و الغيّ والفيء والألوان. وطنّت ظلّي متكأً لألوان سبعة، تشاكسني وتزاحمني على نفسي ونفسي، تتعلق على رأسي، للتقازم أمامها ذاتي كمومس صغيرة، تفتعل تعطش الغرائز الإنسانية، وتتحلق على ذاتي كقوس مدوّر، يحمل في لجّه سبعة ألوان وسبع لعنات، وسبعة وجوه، وسبعة مدارك واشية! هو ذا أنا، نعم هذا أنا ثم أنا وأنا. أعلق أحلامي على نصل سقط سهواً من أساطير الأولين، وفي كل مرة أتفاوض معي، أستلّ معادلاتي من قشة مزقتها شظايا لعنات ثلاثين سنة عجاف، وبعضي لا يوافق كلي، وهكذا أراني أتكرر، أشعل أصابعي الخمسة دهشة سؤال يقرقع أوساط خمسة أنهر رشيقة، وفي كل سؤال تحذرني السبابة توجساً بينما توافقني الإبهام بشدة لاذعة، تذبذب كياني، وتزرعني في جورية غيم ملونة أو في فقاعة روحٍ زجاجية تتناسل فيها ذرات خاملة، تأكل لتتلوّن، وتتلوّن لتعيش! كظلّ ٍ ملوّن، ينتحب في حشرجات الظنون، ويتلوى كأفعى على رمضاء تلذعها الشمس بغربلتها. يحمل في ألوانه تفسيرات العقم العبثي، عقمٌ يولد من فم خليقة عرجاء الخطى، تستقر على شاطىء إنسانية أهوج أعوج، مكسور الخاطر، لا قعر له ولا مرسى. في الطرق، يسير الإسفلت على وجهي، وتبصقني المصابيح بوحشية تحسر الألوهية من جفني إلى الأبد، هل أصرخ، وأعتمر قلنسوة القاضي، وزهرة الشمس، وأفضح للملأ رغباتي؟ هل أكشف عن ألواني السبعة، وأنا لم أحلم يوماً بالشمس والقمر وإحدى عشر كوكباً؟ عقيمةٌ هذهِ الزجاجة التي أحتويها في داخلي، تستلّ اللون من العمق، فيستلّها وجع التلّون، ما لهذهِ الزجاجة لا تتلوّن إلا لـتقبض على غيابي؟، وأنا ما أنا، سوى قطرة تنساب في رحم سنبلة عقيم؟! أذكره يوماً، عندما وقف قبالتي، وبحث عن نفسه ولم يجدها إلاّ عندما غادرته، نعم وجدها فيَّ، وجدها في تحدبي وتقعريّ، وجدها في ثياب المسافرين ووجوه المرضى، وجدها في الاسطوانات الخشبية وصناديق الموسيقى، وجدها في جحور الحرباء وأعشاش الخفافيش!وجدها في لوحة إنسانيته الخرساء، وقرأها ورتلها ولم يفهمها لأن فهمها كفر، وترديدها صلاة.. ثم تركني لأصمت كنقطة عارية لا يأتي بعدها الكلام!

1 التعليقات:

علي يقول...

هنا تجديني قريبا من حروفك الطاهرة سيدتي :)
عيدك مبارك ولنا تواصل باذن الله

نسألكم الدعاء