BLOGGER TEMPLATES - TWITTER BACKGROUNDS »

الأربعاء، 25 نوفمبر 2009

قراءة نقدية في نصّ كظلّ ٍ ملوّن لـ أ. عبدالجبار علي حسن




قراءة نقدية في نصّ كظلّ ٍ ملوّن لـ أ. عبدالجبار علي حسن

اختصاصي موهبة في مركز الموهوبين بالمحرق ..


في عام 1961 طرح ( واين بوث ) الناقد الأمريكي مفهوم ( المؤلف الضمني ) وذلك ضمن ما يُعرف ب ( نظرية التلقي ) ، وقد طرح واين هذا المفهوم في اشتغاله أو تحليله للبنيات السردية ذات الصلة بالقارئ، فماذا وجد ؟ وجد أن :" المؤلف الحقيقي قد حطّ من شأنه اعتباره جزءاً من العمل الأدبي ، .. فالمؤلف الضمني هو بناء نص يخلقه المؤلف الحقيقي ليُصبح صورته، لكن آراءه لا تتطابق مع آراء ( المؤلف الضمني ). وهكذا في كل عمل سردي ( مؤلف ضمني ) مخبوء يوزع صوته وأفكاره على شخصيات ( قصته ) ؛ ليخلق إيهاما بأن وجهة نظره تتوفر على أساس موضوعي .." **في نصك هذا ، تتحول النظرية إلى تطبيق ، ويكون للمتلقي من أمثالي أن يشكرك عليه ، لماذا ؟ نحن أمام ناقد ك " بوث " أو غيره ، لا نملك إلا أن نتهم أنفسنا بالعجز عن فهم ما يقولون أحيانا، قد نعزو هذا العجز تارة لأنفسنا ، وقد نعزوه تارة إلى تعاليهم وفوقيتهم فيما عُرف بنقد " النخبة " . في هذا النص كنت أبحث عن تطبيق أوالي لمفردات ذلك المفهوم ، كيف يكون للنص قارئ ضمني ، وبالتالي يكون له مؤلف ضمني؟ ألم يكن هذا النص قد كُتب بضميرين؟ ضمير " حضور " وضمير " غياب " ؟ هذا في مستوى الارتحال لما وراء لا لما أمام ."من هنا يُصبحُ فعلُ القراءة فعلا إبداعيا يوازي إبداع النص نفسه ، فكانت النتيجة ظهور ما يُعرف بالقارئ المضمر أو المرتقب الذي يضعه الكاتب في اعتباره أثناء الكتابة". **إذا ما قمنا بالربط بين " سلوك " الكاتبة هنا ، و " سلوكها " في نص " قلق المشيئة " ، نجد أن ثمة بصمات واضحة باتت تشير إليها في كل اشتغال سردي تقترفه . ألخصها وذلك في محاولة لخلق قراءة لا أقول بأنها " تضيئ " النص ، فمعنى أن نقول بأننا نمارس فعل " الإضاءة " فذلك يعني أن ثمة " عتمة " في النص ، وهذا ما لا يجب أن يقوم به متلقٍ يبحث عن حالة " إعادة انتاج " للنص ، ليجعل منه " امتدادا" حقيقيا لسيرورة الفعل الإبداعي ذاته . وإنما هي قراءة تطمح لتثبيت خارطة البحث عن طريقة هذا الاشتغال ، وإحضاره إلى منطقة الرؤية ، ليقوم بتسليط مزيد من الضوء عليه . في قراءة ربما لا تكفي لذلك فمجرد اعتماد القارئ على نصين لكاتب واحد ، لا يعطيه " الكفاية " النقدية في تحديد " هوية " هذا الاشتغال ضمن مجموعة الأنساق البنائية والفنية التي يتربص بها الكاتب لنصوصه ، إنها حالة " تجلية " قد تحول هذا المتلقي من قارئ سلبي قد يسيء القراءة ، إلى قارئ مشارك في خلق هذا النص . تشتغل الكاتبة في مدارين رئيسيين : الأول: مدار الجُملة . الثاني : مدار النسق البنائي الممتد داخل النص لا خارجه. في المدار الأول، يمكن لنا أن نقول إن الكاتبة هنا تخلق لغتها بهالة من الخصوصية المتفردة ، تختارها من بين مناطق اللاحياد ، تكسّر مألوفها، تختبرها كثيرا ، لكأنك تقرأ في كل مرة تلج فيها النص " مسوّدة " نص . لتجد أن ثمة همٍّ " جمالي " يقلقها ، إنها لا تقنع بما تكتب ، تشعر وانت تقرأ بأنك وقعت ضحية عسر ولادة ، يكون فيها المشطوب أكثر بكثير من غير المشطوب، رغم ما في هذا الكلام من غرابة ، إذ يقول قائل : ألا تنظر إلى هذه اللغة المبتسرة كيف تقوم بترهيل النص ؟ أقول له ، هي نوع من الابتسار الواعي ، الذي يسير في إيقاع واحد مع طبيعة الفكرة التي تسيطر على الكابتة ، إنها في بحث دؤوب عن " الذات " وطبيعة هذا البحث ألا يقنع بما هو منطوق. في ضمن هذا الاشتغال اللفوي تصدمك الكاتبة باستخداماتها التي تجعلك تقف أمامها لتكتشف أن مسألة الكتابة ليست تقنع أبدا بما هو " متداول " إن الكتابة تحب أن تدخل معنا في عملية " تخصيب " تغير سنن الخلق . إنها عملية تشويش منظم ، يشبه تماما ما نفعله عندما نقرر أن نهدم بيتا ، لا لنرممّه ، بل لنعيد بناءه بشكل أفضل ، وأكثر قدرة على البقاء.أعطيكم مثالا : "ترسم الليلك بالرصاص " و " لِمَ أراني بوصلة تفضحها كل الاتجاهات وتشير إليها كل المسالك" وغيرها ، هي لعبة اللغة إذن ، حينما تجعلك تتوقف قليلا قبل ان تمد عينيك إلى ما سيُمتعك أكثر . إنها الرغبة الملحة في كشف مواطن الفتنة، وإجبارك على ارتكاب خطيئة قد تحمد " الخالق "/ الكاتب ، عليها . أما في المدار الثاني ، فللكاتبة نوع هنا يشبه تماما وينطبق تماما على ما نقلته من كلام " واين " فهي تقوم بتحويلك عبر ( مؤلفها ضمني ) إلى " ما يُعرف بالقارئ المضمر أو المرتقب الذي يضعه الكاتب في اعتباره أثناء الكتابة". وذلك من خلال عملية تتخطى حدود المطابقة ، لتصل إلى حدود " التماهي " بين البطل / الراوي ، والبطل المفترض ، وصولا إلى " معادله الموضوعي " الذي يختبئ فيها . ربما لا نقع هنا على رؤية ما ، ولكنننا بالتأكيد نقع على طريقة رؤية ، بين كاتب يلقمك رؤيته ، وآخر يجعلك ترى أنت ما تريد فرق كبير ، وكبيرٌ جدا .. ** التلقي والتأويل، محمد عزام ، ص 89 .** المصدر نفسه. أمينة آل عيد .. هي البدايات تصنعنا ، وليس النهايات .. نص جميل ويستحق كل تقدير واحترام .. تمنياتي لك بكل التوفيق .. وإلى نص منتظر قد يعجّل لك القلم ولادته .. تحياتي لك وللجميع ..

الثلاثاء، 24 نوفمبر 2009

كظلّ ٍ ملوّن


كظلّ ٍ ملوّن
ومرّةً ،
ساقني خلفه ، تأبطني حباً ، وقومعني في ذاته حتى لامست إنسانيني فوضويته المهترئة ، أراه نازعاً فارغاً من كل شيء ، إلا من نفسه وحينما أدرك أنه لا يدرك ، لملم ضرورياته بطول شاربيه وعلّقها على مشجب قريب من مرآه وغادر. للظنون رؤؤس معلّقة في السديم، ترسم الليلك بالرصاص ، تدوّر الزوايا كخيوط عنكبوت معلّق على جدران الذات ، كل المرايا تهمز وتلمز من حوله بأفواه صامتة ، تكسر المجازات وترقى فوق رفات تغفو على كتف ظل زيتونة عارية، وكل القلوب تتطاول محاسنه وأنا من بين هذا وذاك كارتعاشة غيمة في بداية المخاض، تتبوَّأ لها مقعداً في جنة الله وأرض حبه. خاوٍ هو و وحيدٌ، ممنوعٌ حتى من اللمس إلا من تلك اليد التي انتزعته من غيهب ميت لتزرعه بين موتٍ ما وميلادٍ جديد، بعيدٌ هو عن عين الرائي ليس ثمة صحبة تصافح وحدته سوى الشمس والحكايات والقدر. من العدم، امتدت خمسة أنهر رشيقة تبتدئ من نهاية بحيرة أدمه مروراً بجبل مستقيم، وراحت تنقب في الحيّز العبثي عن شيئاً اسمه إزار الأنا، نفضت فيه أول نفخة للروح تبعتها شهقة حسرى، هدت من حوله أركان الذوات وانثنت! لوجهه.. بحيرتان من لوعة، تفقس منها طقوس رمادية، تحلم بنصف جفن ووجع، ولصبابته.. حضن يتيم يرسم لتفاصيل هندامه مسافات قبور جائعة، تعتصره بألف لعنة وحسرة، وهو من بين هذا وذاك، يعلم أنه يعلم، ولكنه غارق في سفسطة ذاته الملونة، بعيداً عن عين الشمس التي تعتمر ظلاله متكأً لألوانه السبعة.قرأت الشمس ماذا ينقصني، جست الروح، الجسد والإنسان، وأحصت الثقوب التي شحَّ ضوؤها عن ملئها في داخلي، والفراغاتِ التي أحدثتها لعنات ثلاثين سنة عجاف، من بعد ما دفن حظي وجهه في الأرض كـالنعامة، وفتح مصارعيه معمورية تحيز الأضواء عني بانعكاسه بسبع لعنات تقرؤها ملامح مستقيمة تمتدّ من تحتي بوجوه عدّة، وتؤولها إلى تصريف أفعالٍ جامدة، تنهك اللغة وتبعثرها في فضاء مزروع في بتلة عقيمة، لا تطالها أيدي الملائكة. كم توجعنا الشمس! ولاسيما معي أنا، ثمة شيء يخالط هذهِ الامتدادات الضوئية التي تصل إلينا من زهرة عين تترقبنا بالمرصاد، وتنفض من مساماتنا سموماً عالقة بكاهل الروح، تلطف من درجة الإنسانية وقد تزيدها ملوحة و تلويناً، لِمَ أراني بوصلة تفضحها كل الاتجاهات وتشير إليها كل المسالك، لِمَ أراني بأكثر من أنا حين أفضح للشمس رغباتي وأقول لها أنا ثم أنا ثم أنا! أنا خطأ يحتمل الصواب، وصواب يتأرجح على لوحة ألوان خرساء، تقرأ اللون وتكتم اللغة، تصرخ وتبعثر وتهدد بالوعيد وتعفو عند المقدرة، تزمجر وتعوي عند الغروب، ترتدي ملاءة سوداء كجبل يحمل في جوفه صمتاً شاهقاً، وتعاريف أغريقية قديمة تتكئ في انحناءاتها ذاكرة الإنسان الأول، وتتعرج في خطاها حوادث مستقبلية خاوية، تنبئ عن علامات مالا يسألون، وتبشر عن الغيث و الغيّ والفيء والألوان. وطنّت ظلّي متكأً لألوان سبعة، تشاكسني وتزاحمني على نفسي ونفسي، تتعلق على رأسي، للتقازم أمامها ذاتي كمومس صغيرة، تفتعل تعطش الغرائز الإنسانية، وتتحلق على ذاتي كقوس مدوّر، يحمل في لجّه سبعة ألوان وسبع لعنات، وسبعة وجوه، وسبعة مدارك واشية! هو ذا أنا، نعم هذا أنا ثم أنا وأنا. أعلق أحلامي على نصل سقط سهواً من أساطير الأولين، وفي كل مرة أتفاوض معي، أستلّ معادلاتي من قشة مزقتها شظايا لعنات ثلاثين سنة عجاف، وبعضي لا يوافق كلي، وهكذا أراني أتكرر، أشعل أصابعي الخمسة دهشة سؤال يقرقع أوساط خمسة أنهر رشيقة، وفي كل سؤال تحذرني السبابة توجساً بينما توافقني الإبهام بشدة لاذعة، تذبذب كياني، وتزرعني في جورية غيم ملونة أو في فقاعة روحٍ زجاجية تتناسل فيها ذرات خاملة، تأكل لتتلوّن، وتتلوّن لتعيش! كظلّ ٍ ملوّن، ينتحب في حشرجات الظنون، ويتلوى كأفعى على رمضاء تلذعها الشمس بغربلتها. يحمل في ألوانه تفسيرات العقم العبثي، عقمٌ يولد من فم خليقة عرجاء الخطى، تستقر على شاطىء إنسانية أهوج أعوج، مكسور الخاطر، لا قعر له ولا مرسى. في الطرق، يسير الإسفلت على وجهي، وتبصقني المصابيح بوحشية تحسر الألوهية من جفني إلى الأبد، هل أصرخ، وأعتمر قلنسوة القاضي، وزهرة الشمس، وأفضح للملأ رغباتي؟ هل أكشف عن ألواني السبعة، وأنا لم أحلم يوماً بالشمس والقمر وإحدى عشر كوكباً؟ عقيمةٌ هذهِ الزجاجة التي أحتويها في داخلي، تستلّ اللون من العمق، فيستلّها وجع التلّون، ما لهذهِ الزجاجة لا تتلوّن إلا لـتقبض على غيابي؟، وأنا ما أنا، سوى قطرة تنساب في رحم سنبلة عقيم؟! أذكره يوماً، عندما وقف قبالتي، وبحث عن نفسه ولم يجدها إلاّ عندما غادرته، نعم وجدها فيَّ، وجدها في تحدبي وتقعريّ، وجدها في ثياب المسافرين ووجوه المرضى، وجدها في الاسطوانات الخشبية وصناديق الموسيقى، وجدها في جحور الحرباء وأعشاش الخفافيش!وجدها في لوحة إنسانيته الخرساء، وقرأها ورتلها ولم يفهمها لأن فهمها كفر، وترديدها صلاة.. ثم تركني لأصمت كنقطة عارية لا يأتي بعدها الكلام!

عن القلق والمشيئة !

[COLOR="red"][U]ـ قد يسأل البعض : وأيّ فضل للناقد إذا كانت مهتمه لا تتعدى الغربلة ؟ فهو لاينظم قصيدة بل يقول عن القصيدة الحسنة إنّها حسنة . وعن القبيحة إنّها قبيحة . ولا يؤلف رواية . بل ينظر في رواية ألفها سواه ويغربلها ! وعلى الشاكلة نفسها ، أيّ فضل للصائغ الذي تعرض عليه قطعتين من المعدن متشابهتين . فيقول في الواحدة إنّها ذهب ، وفي الأخرى إنهّا نحاس ؟ ـ [/U][/COLOR]
[QUOTE=عبدالجبار علي;116258]
إن موقف الكاتبة من عالمها الخارجي هو ما استطاعت أن تجعله عالما داخليا من خلال عمليات استنزاف لطاقات " المونولوج " الواعي إن صحت الكلمة ، لذا وجب علينا كمتلقين أن نقرأ النص بصيغة إدماجية بين العالمين، ربما نصل إلى حقيقة التوتر التي انشحن بها هذا البطل المتشظي في الصورة واللغة.
إن ما يجعل لهذا النص مكانا فريدا بين سنن الكتابة أنه استطاع أن يجعل من عبثية الشكل نظاما خاصا، أوجدته الكاتبة عبر أنساق لغوية ، وإن كانت مسرفة أو متناصة ، فهي تمثل اللعبة الأساس التي تمكنت من تعرية كل أفكار أبطالها المتخيليين أو الحقيقيين، وقبل ذلك هي كانت في مهمة شاقة مع تعرية الصورة وبث الصوت فيها ، بطريقة تجعلنا نرى ما لا تراه ..
كل الشكر والتقدير للكاتبة على مشاركتها القيمة في هذه المسابقة ، ولكل من يعبرون هنا ..
تحياتي لكم جميعا ..
عبدالجبار علي ..
[/QUOTE]


يا أيها الكائن المتوشح بلذة النقد . ترى كيف قرأتني وأنا إلى الأن لم أكتبني ؟ :sniff:[COLOR="red"][U]ـ هو مبدع عندما يرفع النقاب في أثر ينقده عن جوهر لم يهتد إليه أحد . حتى صاحب الأثر نفسه . [/U][/COLOR]
كيف حللت نصّ لا يحتمل التآويل في حين عجز الآخرين عن فهمه وأستدراكه ؟
[COLOR="red"][U]ـ لم يكن للناقد من فضل سوى فضل رد الأمور إلى مصادرها وتسميتها بأسمائها لكفاه ذاك ثواباً . إلا أن فضل الناقد لاينحصر في التمحيص والتثمين والتركيب ، فهو مبدع ومولّد ومرشد مثلما هو ممحّص ومثمّن ومرتّب . [/U][/COLOR]
[QUOTE=أمينة الحماقي;94366]
هل للنص علاقة بمحتوى الفلم ؟
اما أني لم أفهم فكرة الفلم أو فكرة النص ؟!!
[/QUOTE]
[QUOTE=ثواب الشهابي;95297]
أعجبني تعدد الصور
جميل الأسلوب
لكنني لم أفهم الفيلم و علاقته بالنص :smile:
[/QUOTE]
[QUOTE=عبد الإله يوسف;95302]
مش فاهم حاجة أبدا لا الفيلم ولا النص
[/QUOTE]


[COLOR="Red"][U]ـ كم من شاعر سخر منه الناس حتى كادوا يقتلون كل موهبة فيه . إلى أن أتاه ناقد أظهر للناس مواهب فيه ثمينة ، وودائع نفيسة . فانقلب سخرهم تكريماً وتهليلاً ! مثل هذا الكاتب والشاعر هما هدية الناقد إلى الأمة والبشرية . ـ [/U][/COLOR]
ترى ، هل تنبأ ميخائيل نُعيمه بناقد مثلك يشعل في سطوره أرواحاً وألسنة من عواطف الكاتب ، هل كانت أثاري الأدبية خالدة لاتموت .. لأن الميت لا يعيش .. ولايخلد من الأثار إلاّ ماكان فيه بعض من الروح الخالدة .. ولهذا .. هي [U]لم تمت[/U] .. إلى الأن !
ـ شرف الكتاب المبتدأين أمثالي ، أنهم أبداً يشاطرون العالم اكتشافاتهم في عوالم نفوسهم ، حتى إذا ماوجد أخر بعض من نفسه في تلك الأكتشافات كان في ذلك للأديب سلوى لذيذة ، وتعزية طيبة وأكبر ثواب . إذن فالأدب الذي هو أدب ، ليس إلاّ رسولاً بين نفس الكاتب ونفس سواه . والأديب الذي يستحق أن يدعى أديباً هو من يزود رسوله من قلبه وعقله . ترى هل كنت أنا كذلك ، و هل كانت رابطتي القلمية زوادةً كلاميّة طيبة المثوى ؟
[COLOR="Blue"]شكراً لك أ. عبدالجبار علي حسن شكراً متكأ .. شكراً كأنك الحياة ولأنك ماءفأنا كل شي حي . [/COLOR]
[COLOR="red"][U]ـ بتصّرف أمينة آل عيد من كتاب الغربال لميخائيل نُعيمه ـ [/U][/COLOR]

قراءة نقدية في نصّ قلق المشيئة بقلم أ. عبدالجبار علي حسن

قراءة نقدية في نصّ قلق المشيئة بقلم أ. عبدالجبار علي حسن أخصائي موهبة أدبية في مركز الموهوبين في المحرق
أ. عبدالجبار علي حسن





في هذ النص نستشرفُ رغبةً كبيرةً في توسيع دلالات السياق ، هذا التوسيع الذي يجعلُ السياق منفتحاً على جميع الأحداث المتزامنة، وعلى كل المعاني الحاضرة والغائبة التي تشكل في النهاية لحظة فاصلة. هذا ما تقول به النظرية السياقية في المعنى ( The context theorem of meaning ) : وهي ترى في المعنى ضرورة توقع الغموض ( Ambiguity ) في أحاديثنا ونصوصنا . وإلى جانب هذا الغموض يوجد " الاختزال " ( Abridjment ) ، أي أن اللفظة الواحدة لها قوة اختزال معان كثيرة وفقرات يمكن الاستغناء عنها وعدم تكرارها. وهذا ما لم توفق إليه الكاتبة في هذا النص بشكل واضح. فهي لم تقم بإحضار كل الأجزاء التي كان ضروريا أن تغيب عن السياق ، والعكس. إن ما قامت به الكاتبة كان عملية تركيز على استثمار إمكانات العقل الإنساني في التفسير ، وعلى إيثار الخيال والبحث في الصور التي تستحث الدهشة والغرابة بدلا من التركيز على وضوح المعاني والدلالات المباشرة. إن قدرات العقل تتمثل في عملية الربط بين الأشياء التي تفاجؤنا باعتباطيتها. وهذا ما فعلته الكاتبة . إنها تعوّل كثيرا على قدرة القارئ في التخمين من أجل استقصاء المعنى، لتعطل قدرته على المعرفة السابقة للأشياء. لذا وجد الكثيرون في هذا النص كثيرا من الصعوبة في الوصول إلى مناطق " التنوّء" أي مناطق تكوين الأنوية التي تشكل مركز النص. إنها تريد أن تلغي داخل تشكيل لغتها كل محاولة للتوقع، توقع ما ستقول ، كما نحن نعرفها . في كتاب للناقد I.A.Rechards ( كيف تقرأ صفحة ) " How to read a page " 1938" يقول: " في كل القراءات يجب أن يتم التخلي عن شيء، وإلا فلن نصل إلى معنى ...... ومن خلال الإغفال يصبح ما نريد فهمه هو ما هو موجود لنصل إلى كينونته الأساسية " المرايا المحدبة- عالم المعرفة 232 ص 312. ترى وأنا أقرأ هذا النص ، ما يكون ذلك الشيء الذي تخليت عنه؟ وأي شيء منه جعلني أصل إلى كينونة ما قيل فيه" ؟ لقد تخليت عن كل الأنظمة التي كان علي توقعها من كاتبة تكتب قصة قصيرة. جعلني نمط النص ألا أبحث في نظامها الداخلي، بقدر ما جعلني أبحث عن عالمها الداخلي، لم أبحث في أنساق الوظائف والتقنيات المتواشجة مع نظامها الخارجي، إنها خطيئة كبيرة أن تضع مسطرة قوانين اشتغالك على نص لتجبره على موافقتك أو عدم موافقتك له . في هذا النص تجاوز لحدود النمط ، وقد استطاعت الكاتبة عبر عمليات " التجاور " النصي أن تقنن عملية التشويش التي يعرفها البنيويون كنظام . إنها العملية التي تجعل المتلقي يعزف عن خواص التوقع لما ينتظره من النص. هذا بالطبع في وضع القصة التي تسير وفق خطية ثابتة ، تبدأ شرارة وتنتهي بانطفائها أو بإحراق كل شيء، فكيف بنا أمام نص يسبح في عالم هلامي يتكئ على صنوف من الانكسارات داخل لغته من جهة وأخرى داخل عقل الشخصية نفسها. أليس محاولة تفسير ما يحدث هو بداية " لسوء قراءة " ؟ النص هذا بصراحة ينغلق منفتحا ، وينفتح منغلقا ، ينغلق بانفتاحه على رؤية تشكل عالم البطل بشيء من " الحتمي " والقدري ، وينفتح منغلقا من خلال الطريقة التي سلكتها الكاتبة في توصيله لنا. إني مع كل الذين يقولون بأن هذا النص لا يعمل على توظيف أواليات الاستغال السردي، ولكني ضد من يقول بأن هذا التوظيف كان غير متعمد. بين الصورة الكلمة ، تكمن كلمة اللغز ، فنحن أمام صورة تحولت بفعل إبداعي إلى نص، وهذه العملية لا يمكن أن تكون سهلة أبدا، إذ كيف يمكن للكلمة أن تعبر دهاليز العالم الداخلي الذي تجسده " صورة " ، إنه العالم المرئي والمخفي في آن واحد . إننا إذ نفسر اعتباطية النص، فنحن نحاول أن ندمره من مناطق تفجره لا من مناطق سكونه . إن فكرة أن تبلور عالمك الماورائي ، فأنت أمام خيارات صعبة، إما أن تبتكر له صورة تحاكيه ، وإما أن تخلق له صورة لا تشبهه تماما، وهذا ما جعل الكاتبة هنا ، تسرف كثيرا في توسيع نطاقات المحتمل ، والممكن من جهة ، والممتنع من جهة أخرى. في هذا النوع من الكتابة ، تقف أمام دهشتين : 1- دهشة اللغة . 2- دهشة الرؤية والتحكم في مناطق العتمة داخلها. إنه نص تأملي ، ونص من هذا النوع لا يطلب أكثر من أن يكون تفسيرا لللاتفسير ، إنه يكوّنُ داخله أزمة إنساننا في بحثه عن سر انقسامه إلى ذوات كثيرة ، ذات ترتفع إلى أعلى وذات تهبط إلى أسفل ، ذات تتجه للأمام وأخرى تتجه للخلف ... إنه سر التكاثر العبثي ، إنها أزمتنا في البحث عن النهايات التي نريد. إن البطل في قصة " قلق المشيئة " بطل إشكالي، إنه حامل لا محمول، إنه يتحمل وحده تأويل وجوده ، يقول "إيزر " الناقد ، : " إذا كان النص لا يتوافر على عناصر مشابهة ، سواء في العالم التجريبي، أو في قدرة القارئ، فإن معناه يجب أن يتأسس انطلاقا مما يمنحه هو نفسه " . إن موقف الكاتبة من عالمها الخارجي هو ما استطاعت أن تجعله عالما داخليا من خلال عمليات استنزاف لطاقات " المونولوج " الواعي إن صحت الكلمة ، لذا وجب علينا كمتلقين أن نقرأ النص بصيغة إدماجية بين العالمين، ربما نصل إلى حقيقة التوتر التي انشحن بها هذا البطل المتشظي في الصورة واللغة. إن ما يجعل لهذا النص مكانا فريدا بين سنن الكتابة أنه استطاع أن يجعل من عبثية الشكل نظاما خاصا، أوجدته الكاتبة عبر أنساق لغوية ، وإن كانت مسرفة أو متناصة ، فهي تمثل اللعبة الأساس التي تمكنت من تعرية كل أفكار أبطالها المتخيليين أو الحقيقيين، وقبل ذلك هي كانت في مهمة شاقة مع تعرية الصورة وبث الصوت فيها ، بطريقة تجعلنا نرى ما لا تراه .. كل الشكر والتقدير للكاتبة على مشاركتها القيمة في هذه المسابقة ، ولكل من يعبرون هنا ..تحياتي لكم جميعا .. عبدالجبار علي ..