BLOGGER TEMPLATES - TWITTER BACKGROUNDS »

الأربعاء، 25 نوفمبر 2009

قراءة نقدية في نصّ كظلّ ٍ ملوّن لـ أ. عبدالجبار علي حسن




قراءة نقدية في نصّ كظلّ ٍ ملوّن لـ أ. عبدالجبار علي حسن

اختصاصي موهبة في مركز الموهوبين بالمحرق ..


في عام 1961 طرح ( واين بوث ) الناقد الأمريكي مفهوم ( المؤلف الضمني ) وذلك ضمن ما يُعرف ب ( نظرية التلقي ) ، وقد طرح واين هذا المفهوم في اشتغاله أو تحليله للبنيات السردية ذات الصلة بالقارئ، فماذا وجد ؟ وجد أن :" المؤلف الحقيقي قد حطّ من شأنه اعتباره جزءاً من العمل الأدبي ، .. فالمؤلف الضمني هو بناء نص يخلقه المؤلف الحقيقي ليُصبح صورته، لكن آراءه لا تتطابق مع آراء ( المؤلف الضمني ). وهكذا في كل عمل سردي ( مؤلف ضمني ) مخبوء يوزع صوته وأفكاره على شخصيات ( قصته ) ؛ ليخلق إيهاما بأن وجهة نظره تتوفر على أساس موضوعي .." **في نصك هذا ، تتحول النظرية إلى تطبيق ، ويكون للمتلقي من أمثالي أن يشكرك عليه ، لماذا ؟ نحن أمام ناقد ك " بوث " أو غيره ، لا نملك إلا أن نتهم أنفسنا بالعجز عن فهم ما يقولون أحيانا، قد نعزو هذا العجز تارة لأنفسنا ، وقد نعزوه تارة إلى تعاليهم وفوقيتهم فيما عُرف بنقد " النخبة " . في هذا النص كنت أبحث عن تطبيق أوالي لمفردات ذلك المفهوم ، كيف يكون للنص قارئ ضمني ، وبالتالي يكون له مؤلف ضمني؟ ألم يكن هذا النص قد كُتب بضميرين؟ ضمير " حضور " وضمير " غياب " ؟ هذا في مستوى الارتحال لما وراء لا لما أمام ."من هنا يُصبحُ فعلُ القراءة فعلا إبداعيا يوازي إبداع النص نفسه ، فكانت النتيجة ظهور ما يُعرف بالقارئ المضمر أو المرتقب الذي يضعه الكاتب في اعتباره أثناء الكتابة". **إذا ما قمنا بالربط بين " سلوك " الكاتبة هنا ، و " سلوكها " في نص " قلق المشيئة " ، نجد أن ثمة بصمات واضحة باتت تشير إليها في كل اشتغال سردي تقترفه . ألخصها وذلك في محاولة لخلق قراءة لا أقول بأنها " تضيئ " النص ، فمعنى أن نقول بأننا نمارس فعل " الإضاءة " فذلك يعني أن ثمة " عتمة " في النص ، وهذا ما لا يجب أن يقوم به متلقٍ يبحث عن حالة " إعادة انتاج " للنص ، ليجعل منه " امتدادا" حقيقيا لسيرورة الفعل الإبداعي ذاته . وإنما هي قراءة تطمح لتثبيت خارطة البحث عن طريقة هذا الاشتغال ، وإحضاره إلى منطقة الرؤية ، ليقوم بتسليط مزيد من الضوء عليه . في قراءة ربما لا تكفي لذلك فمجرد اعتماد القارئ على نصين لكاتب واحد ، لا يعطيه " الكفاية " النقدية في تحديد " هوية " هذا الاشتغال ضمن مجموعة الأنساق البنائية والفنية التي يتربص بها الكاتب لنصوصه ، إنها حالة " تجلية " قد تحول هذا المتلقي من قارئ سلبي قد يسيء القراءة ، إلى قارئ مشارك في خلق هذا النص . تشتغل الكاتبة في مدارين رئيسيين : الأول: مدار الجُملة . الثاني : مدار النسق البنائي الممتد داخل النص لا خارجه. في المدار الأول، يمكن لنا أن نقول إن الكاتبة هنا تخلق لغتها بهالة من الخصوصية المتفردة ، تختارها من بين مناطق اللاحياد ، تكسّر مألوفها، تختبرها كثيرا ، لكأنك تقرأ في كل مرة تلج فيها النص " مسوّدة " نص . لتجد أن ثمة همٍّ " جمالي " يقلقها ، إنها لا تقنع بما تكتب ، تشعر وانت تقرأ بأنك وقعت ضحية عسر ولادة ، يكون فيها المشطوب أكثر بكثير من غير المشطوب، رغم ما في هذا الكلام من غرابة ، إذ يقول قائل : ألا تنظر إلى هذه اللغة المبتسرة كيف تقوم بترهيل النص ؟ أقول له ، هي نوع من الابتسار الواعي ، الذي يسير في إيقاع واحد مع طبيعة الفكرة التي تسيطر على الكابتة ، إنها في بحث دؤوب عن " الذات " وطبيعة هذا البحث ألا يقنع بما هو منطوق. في ضمن هذا الاشتغال اللفوي تصدمك الكاتبة باستخداماتها التي تجعلك تقف أمامها لتكتشف أن مسألة الكتابة ليست تقنع أبدا بما هو " متداول " إن الكتابة تحب أن تدخل معنا في عملية " تخصيب " تغير سنن الخلق . إنها عملية تشويش منظم ، يشبه تماما ما نفعله عندما نقرر أن نهدم بيتا ، لا لنرممّه ، بل لنعيد بناءه بشكل أفضل ، وأكثر قدرة على البقاء.أعطيكم مثالا : "ترسم الليلك بالرصاص " و " لِمَ أراني بوصلة تفضحها كل الاتجاهات وتشير إليها كل المسالك" وغيرها ، هي لعبة اللغة إذن ، حينما تجعلك تتوقف قليلا قبل ان تمد عينيك إلى ما سيُمتعك أكثر . إنها الرغبة الملحة في كشف مواطن الفتنة، وإجبارك على ارتكاب خطيئة قد تحمد " الخالق "/ الكاتب ، عليها . أما في المدار الثاني ، فللكاتبة نوع هنا يشبه تماما وينطبق تماما على ما نقلته من كلام " واين " فهي تقوم بتحويلك عبر ( مؤلفها ضمني ) إلى " ما يُعرف بالقارئ المضمر أو المرتقب الذي يضعه الكاتب في اعتباره أثناء الكتابة". وذلك من خلال عملية تتخطى حدود المطابقة ، لتصل إلى حدود " التماهي " بين البطل / الراوي ، والبطل المفترض ، وصولا إلى " معادله الموضوعي " الذي يختبئ فيها . ربما لا نقع هنا على رؤية ما ، ولكنننا بالتأكيد نقع على طريقة رؤية ، بين كاتب يلقمك رؤيته ، وآخر يجعلك ترى أنت ما تريد فرق كبير ، وكبيرٌ جدا .. ** التلقي والتأويل، محمد عزام ، ص 89 .** المصدر نفسه. أمينة آل عيد .. هي البدايات تصنعنا ، وليس النهايات .. نص جميل ويستحق كل تقدير واحترام .. تمنياتي لك بكل التوفيق .. وإلى نص منتظر قد يعجّل لك القلم ولادته .. تحياتي لك وللجميع ..

0 التعليقات: