BLOGGER TEMPLATES - TWITTER BACKGROUNDS »

الأحد، 6 سبتمبر 2009

:: قلق المشيئة ::


قلــــق المشيئة


الفيلم المُشارك به





النصّ
الفائز بالمركز الثالث في مسابقة سينما سرد للمتكأ الثقافي

قلق المشيئة
كيف أرمي صوتاً في دوامة الصدى ، وقد خضبته جلاميد الترقب والتروي ؟كيف أجدد هديراً عائداً إلى خواء ذاتي الفسيحة التي أكلها اليأس وطحنتها السنون ولونها الصدأ ؟أستلّ أيامي من جعبةٍ مزقتها شظايا حروب الأمس ، أرتبها لعنةً بلعنة ، أجمعها مثل ما يجمع النهر أطيانه ، أستلها يوماً بيوم وأعيد تلوينها بنفس الألوان الباهتة ، أعيد ترتيبها يومًا بيومٍ في أكثر الزوايا الاختباء مني ، أبحث من بين حقائبها الرمادية عن يومٍ لا تمازجه دمعة ولا يلونه ذبول ، أشتهي أن أشرب من مائها الذكرى رغم عوالق طحلب التيه فيه ، أشتهي أن أشم رائحة الرمضاء رغم العتمة التي تسطو عليها بلون القلق ، ثم أحصي خساراتي بها وألملم بقاياي حزنًا بحزن، قلقًا بقلق وأعيد لها بعثرتها من جديد ، تماماً كأنا . تسعون حُزناً وأنا جاثم في رحمها العقيم بلا حراك ، تسعون قرناً و الجاذبية تحاول أن ترفضني من سطوتها وترميني نفثه حسرة من فم ينفث النبض نبض الهلاك . تسعون لوناً يا أمي ، تسعون مهداً يا أمي ، تسعون قلقاً يا أمي ، ولا أزال أنا كما أنا ، ابنك العاق من رحمٍ عقيم ، يلوذ ويصمت ، يصمت فيتكسر وينثر أشلاءه عبر الأثير رذاذًا بائسًا يصّب في مضمار الشقاء بطعم القلق وبلون الحزن ، ينام ويصحو على أملٍ ويأس ويظمأ ويروى بذات الكأس . إحباطٌ كونيٌ متكرر ، أو أنها حقيقة اللعن الأحمر . تلك حقيقة ، أجل هي حقيقة ، هكذا تسير الأمور ، دون إدراك مسبق أو تعداد باليقين ، دون إرادة أو تخطيط ، تتدرج وتنثني ، تتشابك وتتداخل ، تنمو وتتعاظم ، تجدل نفسها كضفائر في شعر بدائي مجعد ، يخمش الوجنات ، ويجرح الخدود فينزل منه التعب برائحة الدم ، يحفر في قسماته أخاديد ما قبل التكوين ويكسر المجازات كمرايا خائنة ، ويشق في عتمة الضوء تضاريس بعمق الأفق بقدر ما تشهده الغيمات من ارتعاشات رأد الضحى ، فيولد الحزن كنورسٍ قلق من غياهب أقصى العدم الممتد أمام البصيرة .حين أكون شيء أو لا أكون ، فأنا في النهاية أصل لكل الأشياء الممتهنة قديماً ومستقبلاً ، وبين الثنايا الرطبة يسبح حاضري بشيء من القلق ، هذا المبدأ أثكلني بعثرة على رمضاء الماضي ، ضيعت كل تفاصيل حياتي . عثرة مزروعة أمامي مثل تمثال روماني قديم ، يحمل صمته أكثر من ألف قرن مضى وفي ذاكرته تتعاقب الأجيال تلو الأخرى ، وجدتني فيما بينهم مزروعًا في بيضة نسل عتمة متقهقراً على ظهري . نهضت متألماً إيذاناً بالحياة وفي جبيني تتشاطر الحكايا وتتوالد نوارس القلق بألف فكرة وفكرة وأنا أقاوم البكاء الذي يلوي شفتي ، ويمزقني إلى قطعٍ متساوية لكائن عبثي في مشج مخنوق ، عرفت فيما بعد أنه أنا الذي لا يشبهني . كائنٌ له رأس ولسانان وجبهتان في أُم عقله وعينٌ واحدة ليبقى الحبل السرّي بيني وبينه محطة اتصاله بالعالم الخارجي .كالجنين ، أو هو أكثر من ذلك يتغذى من فضائلي الإنسانية وأخرى قد يتقيأ من سموم قاتلة تجبرني أحياناً أن أخوض معتركها . وفي لحظة لا تشبه أخواتها من الجنون قرر أن يفرزني من أقصى دماء القدر مع الخلايا المشرئبة بالعقر ويستثنيني مع لوح محفوظ لم يُرفع القلم عنه بعد ، وعلى أن يفتح لي قبراً بحديقة تاهت في ليلة ضبابيّة وعلى أن يسهر الذهول في رعشته بالخرس ، بعدها خيرني بين الهوى والهاوية ثم خط لي متسعاً للهروب وخطة ساخنة حمراء قانية وخلوة لقاء ، وزورق حلم صغير ، يعبر بيّ كـ كريستوفر كولومبس في محيطات عدة، أو كأسترالي قديم أستيقظ من حلمه ليجد العالم قد أنتقل إلى قارته وإن تشنغ خه مكتشف أمريكا، وليس كولومبس! لأضع خطوتي الأولى في أرض الموت الصغرى . كل صباحٍ أستيقظ فيه وأنا على قيد القلق ، وفي رأسي تدور ارتعاشات لجرادات أضغاث الأحلام وبقية إرهاق من حبة نوم متأخرة . هذا الجراد الذي يفترس فُتات الأحلام ويرميه على شاطئ الذاكرة كقلاع الرمال الهشة ، فما تستكين أو تهدأ إلا لتعود كطوفان حاقد يجرف أمامه كل أشجار القلق وكل ما بنته أيادي الأمل الصغيرة ، ويعيد تسوية رمال الشاطئ من جديد كما كان .تبرحني الأحلام كاستكانة ألم لا تهدأ كُلما حاولت الإغفال عنها ، تجتاحني ككتيبة جيوش جائرة . ذاكرتي منها موبوءة ومريرة مثل تواريخ البلاد التعيسة . أذكره جيداً ، أذكر ملامحه التي تخدش في وجهي أخاديدَ تتراقص كقالب صمت يبردُ تارة ويسخن أخرى . أذكر رائحته النتنة في تدوير الزوايا الأكثر اختباءً منه . هل أبدأ من نطفة الحُلّم . أم من مصرعه ؟ ولدت كلوحة خرساء ، وأخذت أرقى في عالم المجازات ، أطلب من فأس القدر أن يثقب في ملامحي حقل ابتسامه ، ولكنه أبى أن يحرث فرحة في أرض أدمنت سنيَّ القحط وسنابل اليأس الصفراء ، وأخذ على أن يزرع في روضتي القاحلة ألغام القلق ، وسنابل الحيرة والألم . بيد أن هذهِ المواسم الخصبة على مدار العام ، تشعرني بالإحباط ، وكثرة السنابل تزرع في مفهومي معنى العقم الذي ولد معي ، فكبرنا معاً ، إلا أنني رحت أتصفح في وجوههم على عجل ، كانت ملامحهم موزعة على أقطاب الأرض في تنوعٍ جيولوجي عجيب . فأخذت أبحث عن ذرة ذاتي بين حبات الرملّ العديدة ولكنني لم أحظ بشيء . رحتُ أنقر سطح جبيني ، وأقلّب بصري في وجوه العابرين جواري ، وأتساءل وأنا ألمح ملامحهم المثبتة على حالة تذمر مشتركة ؛ تُرى ما الذي يستعجلون حدوثه في هذهِ الذوّات الصحراوية ؟ ستمرّ الليلة ، وتأتي أُخرى شبيهةً جداً بسابقتها ، فليس ثمة رحمٌ أكثر إنتاجاً للتوائم المتشابهة في الأجنة ، فلأي شيء يجعلنا نسبق الزمن لنبلغ اليوم الذي يليه إذن ؟وفجأة ، رأيتني أنا ، أجل أجل رأيتني أنا الذي لا يشبهني برغبة واحدة وزمن واحد يمتد من أمام قدمي ، يستحثني على الركض لقياس سرعتي حاملاً فوق ظهري عمري وأنطلق ، أنطلق ملتهماً المسافات ، حينها فكرت في قانون آينشتاين وماذا لو يراني الآن ، ألم يتوصل فعلاً إلى قانون الحياة الذي يربط بين السرعة والعمر ؟ ها أنا ذا أركض لأبلغ المجازات ملتهماً سنيّ عمري يوماً بعد يوم لكل أربع وعشرين ساعة ! أقطع الشارع من أوله إلى أخره ، وأخرج منه بثقل على ظهري وإحباط ! وفي محطة تفقس من أبوابها مسالك التيّـه ، تصلبت كشجرة حور عملاقة أصلها ثابت في أرض الواقع وفرعها ممتد في فضاء الخيال ، كنت ألهث قلقاً وحزنًا، رحت أنقر سطح جبيني بفكرة وأخرى حتى استقريت عند عتبة إحداهن كالمشدوه أمام عجوز ثكلى ، لعبت أيدي القدر في وجهها كالصلصال ورسمت في ملامحه أخاديد أرض في زمن اليأس ، أستمع لما حصل لأسلافي منذ أكثر من ألف قرن مضى ، وفي جعبتي يرقص القلق ، الإحباط والحيرة كجماعات الغجر ، حتى أيقنت فعلاً أن ما أفعله الآن يحتاج إلى استشارة واعية ،فكرت ملياً و رحت أستشير بعض أصابعي ، كان الإبهام موافقاً ، لكن السبابة حذرتني توجساً .حدث هذا في اليد اليمنى، أما أصابع اليسرى فقد كانت منشغلة في نقر الجبين والبحث عن فكرة أكثر جدوى . راقت لي فكرة الانقسام ، بعدما تشعبت الطرق والأزمنة أمامي وصار كل واحد فيهم مخضب بالوعورة والأسئلة، هنالك في تلك الأبعاد، حيث القمم والكهوف الموحشة، ألغاز ومفاجآت برائحة النخيل ، تراود العشب في اللوحة عن نفسه ، فيدلق خضرته على الحائط كجرح طويل ، يكبر ويكبر في خلايا الجدار حتى يتناسل بشتى ألوان القلق . يعتق في رحمه خطوط واهية تحمل تفسيرات العقم العبثي ، يتحرك حسب الأوامر، ويملأ الفراغات، يراوغ أو يتمرغ...لكن البيادق الصديقة قد تتآمر عليه، تغار منه، تضعه دائما في المقدمة، وحين يفرح بدور القيادة والريادة، يجد نفسه في مواجهة بيادق أخرى أشد عنفاً ولؤماً، خطأ بسيط، حركة خاطئة واحدة، ويطردونه خارج اللعبة، ينتفي ويتبخر، في حين يأخذ أقرب البيادق إليه مكانه، يرث مملكة أوهامه وكل ما باع نفسه لأجله، فليعدل عن دور البيدق سيكون أضخم وأهم ، فليكن فيلا، سوف يحمل الكثير على كتفيه، ولن يحس بأي ثقل، يمضي بطيئا ولكنه يصل في النهاية، إلى أين، الفيل لا يهتم بهذه الجزئيات الخفيفة، المهم أن خطوه الثقيل سيوصله إلى مكان ما ، ربما حيث يفاجئه فأر ، إنها مشكلة الفيل ، أنه يخاف من جزيء صغير لا تكاد تراه عين الطبيعة .مشكلة الفيل فأر، ومشكلة البيدق ثأر ، ماذا لو انتقم منه كل من له ثأر بأحد البيادق المتناثرة على الرقع هنا أو هناك ، أو من يكره البيدق لمجرد أنه بيدق ، إن هذا يجعله أكثر إصرارا على رفض دور البيدق . سيكون رجل القلعة الأول ، منيعاً قوياً ، بأبواب ضخمة، وقصور فخمة، لكنه يخشى الوحدة والصمت، وإن رحل عنه ساكنوه استوطنته الغربان والأفاعي وعوت الريح في جوفه، إنه حقا يخشى البرد ، ويخاف كوابيس الليل ، أما إن هاجمه جيش ما ، فكرة أو إحساس غامض، وحاصرته الجحافل ورمته بالمنجنيق، ستكون الحرب رهيبة وستندك جدرانه، ربما أن حراس أركانه سيستميتون في الدفاع عن قلعتهم، وسيسكبون الزيت المغلي على الجراد . ستتضاعف انقساماتهم مثنى وثلاث ورباع ، وستتعدد الرغبات وستنثني أمام القامة الإنسانية تماماً كطفلة عنيدة ، المجنونة العاقلة في آن ، الوحشية المتحضرة في زمن يسرق خبز التعدد بالوسوسات ، الغامضة حتى الوضوح في العتمة ، أدعوها إلى الشاي ، فتدعوني إلى القلق ، أدعوها إلى الحب ، فتدعوني إلى عطلة نركض فيها إلى المساء في الريح والمطر . ياللتعاسة ، أشعر أنها تصرفت بي مثل يويو فتأرجحت حياتي كلها على إصبعٍ واحد من أصابع القلق الموحل في تقويمي التعيس . كل وريد فيّ محشوٌ قلقاً يطرد روحه خارجاً ويعكره ارتعاش الذاكرة ، فتراني أتوجس خوفاً من صمت الحزن الذي يصغي إلى حفيف أفكاري وأركض ، أركض بنصف عقل ، بنصف يد ، بنصف قلق ، وبنصف لغة بعدما تركتني الأنصاف الأخرى من أجل حياة أكثر إنسانية ، وأضل أركض ، حاملاً عمري فوق ظهري وأنطلق . أنطلق في مضمار أنيق يبدو بلا نهاية، تتزاحم فيه الأضداد فُرادى تنفني نهاياته الأزلية بباب متحرر من سطوة القهر ، يعلوني وأنا أمشي من تحته مثل مومس صغيرة ، أدخله بألف لعنة ، وبألف لغة ، وبألف قلق و بأكثر من ألف نية تخالجني كإغماءة لامبالاة ، فأعزلُ نفسي عن كل ما يحيطني واندثرُ بالصمتِ ولا أقل . وأفكر ، أفكر في هذا التغيير الفلكي الضخم الذي يقترب من حياتي فيقلبها خارج حدود المألوف عقباً على رأس ، ويبقى عقلي في حالة متيقظة من التفكير تجعلني آكل بشهيّـة الحانق دون اشتهاءٍ نصف الجلد الميت فوق أظافري . وفي نهاية المضمار ، تصطلب أمامي شفرات عنيدة تحمل صمتها لأكثر من ألف قرن مضى في حقائب سقطت سهواً مع أوراق التقويم ، تحمل في قمصانها المهترئة غثيانًا فكريًّا لا معنى له وذاكرة وعرة ، تتجعد فيها المسالك كوجه عجوز حزينة عبثت فيها أيدي القدر كالصلصال وقوستها على شكل مذنب إشعاعه خامد ، يحمل في كفه تنبؤات عراف قديم لم يكتحل بالصلاة بعد ، عرافٍ نازل على جبين معبد مهجور ، ليحكي قصة البحار القديم الذي لم يرى البحر يوماً ، و قصة مدينة الدموع التي لم تبكِ يوماً ، وفي خطوط كفه تتوالد الطبيعة وتجري المياه وتعيد الحياة دورتها الشمسية الجديدة . ثم تهديني المشيئة إلى حقيبة تنتهي إليها أمصار العالم ، وفيها تتوالد أقدار الناس وتتناسل في رحم سنبلة عقيم ، فترقى إليَّ المجازات وترتخي إليّ السُبل المعقدة لأنطلق ، حاملاً عمري فوق ظهري وأنطلق ! ، أنطلق مع قلق المشيئة الذي يراودني وفي كفي يحتمي خبز التعاسة وماء الأمل . و بين موتٍ ما وميلادٍ جديد أراني أنطلق مع نبرة الحلم التي تقفز كوكباً فوق كوكب . أراني أختصر عمري وقرون أسلافي في حقيبة سوداء وأنطلق . بحثاً عن منتجع احتواء و أمان ، وأبقى في مرافعة الحُزن الذي نبت مع الحواس الخمس كحاسة أخرى تتولى المهام المفاجئة . دُمى يحركها الشقاء !كل الأقدار تتدحرج أمام أقدامهم صدفة ، تتسكع أمامهم مثل المومسات الرخيصات، ترافق خطواتهن نحو المجهول الُمنتظر ، إنهم لا يجدون مشقة في استخلاص الحكمة من مآسيهم ، ولكنهم لا يفهمون أنفسهم ولا يملكون أحياناً تفسيراً لاستيقاظهم كل صباح إلا كونهم مازالوا أحياء . فتمر الأيام علينا كدهشة المرايا ، فترانا نعكس أرواحنا الموحلة في غياهب العتمة على ملامح موحدة وصور حالة تذمر متشابهة . نتناسخ وننقسم، فتتعدد أمامنا الرغبات ، وتتدحرج من أمامنا الحياة ككرة ملعب وننطلق ، ننطلق في جماعات حيوانية اجتماعية ، تبحث عن الماء ، و المرعى ودورة عمر جديدة ! ندخل العقم العبثي ، من أبواب زنزانة معتمة ، والمنارات تعلونا همماً وشأناً ، تبحث عنا كجرذان ضالة ، وتبقى ملامحنا متشابهة على صفحة مرآة واحدة تواسيني وتنسج معي غطاء لعورة حلمي ، أتدفأ به عندما ينخر الحزن عظامي وتحك عصى الذكرى صخرة الذاكرة فتخرج من تحتها عقارب وحشرات الوساوس لـتسرق من فمي خبز التعدد وتبصقه حولي . رأيتني اتكأ على لوح العجز بعد رحلة غرق طويلة ، ورسمت ذاكرتي على السقف وليّ عينان دامعتان تلد من مخاضهما نوارس قلقة تمتطي صهوة الحزن وتنطلق . أجلْ، إنه الحزن والقلق ، الثنائي الثوري القديم ، قدم التكوين ، المنعجن بطينة الإنسان الأول ، الفصيح بلغة الأم العقر ، البسيط البدائي في اكتشاف نار العتمة ، والغنائي الراقص مثل جماعات الغجر ! تتشعب أخرى ، كحشائش شيطانية غاوية ، تغري بكل الغوايات وتلقيني أنا المسكين طافياً على يم نكبتي ، في جزيرة العقر السوداوية ، حتى أمواجها المسكينة ترتدي ثوب العزاء كعذراء حزينة ، لم يلجها غواص بعد بقارب ، وتنشد آية الحزن الأبدي . قسمة ضيزى ، وإلحادٌ صغير لا أعرف سببًا لنشوئه ، هناك على الضفة الأخرى ، تخرج انقساماتي لترى تحقق الرغبات ، وهل فعلاً أجاد قسيس الكنيسة في تلبية الرغبات ؟ ، لأجد شاكلة من الوجوه الشاحبة على قوارع الطريق ، و وجوه لم يزرها الرضا تعيش منذ سنوات في المنفى وفي أعصاب عيونهم اليائسة يتبرزخ الحزن القرمزي بطعم القلق ، يفهمون الحياة على أنها حدان متناقضان إما نافورة ماء أو بركة دماء . كم هم فائضون عن الحاجة هؤلاء الأشخاص يدورون على سواقي الوهم ، يصيروّن صدأ أحلامهم ويحركون بألسنتهم مرارة العدم الذي يعيشون فيه. أجد رغبة الحب التي تفرعت فيََّ ونبتت في يدي كإصبع سادس له سمة ما ، في حذاء سندريلا الضائع ، وحلمي الضائع ، وحزني الضائع ، وعمري الضائع وكل ما فيّ يشهد على أن ثمة ارتباطًا قديمًا بين حزني وأسطورة سندريلا الضائعة . أذهب للقياه فتصغر إنسانيتي أمامه وكأنه أفضل مني حالاً وإنسانية ، أحاول قضمه كأنثى لا تشبها شائبة القضم فيها بقدر ما هي وسيلة للعري والخُزي لإنسانيتي المهترئة . أقضمها ولا تكاد تمضغ أحاول من زاوية أخرى طعمها كالإسفنج ، بل القماش ، ألوكها حتى استيقظت آه أنها وسادتي تعتاد مراودتي تلك كل ليله .. لأعانق ثوبي من جديد وانطلق . نخرج منها ، نخرج منها كأهداف من شباك المرمى ، ينتهي المؤقت العُمري ، فنسقط صرعى ، ويبقى هناك فائز واحد لا شريك له ، ينطلق في مستقبله المجهول ومن خلفه يشرق الماضي ، وفي يديه يحمل أمجاد أسلافه وثار صعيدي قديم ، يرقى به إلى عالم أخر ، ترتخي أمامه المحظورات ، وتنحي من أجله المبادئ والقيم , ويبقى حلمه البكر الذي يحتفي به بشمعة وحيدة ونهر مشاكس ، تفلّت شياطين الفكر فّيه ناطقةً ببحرٍ أعوجَ أهوج ، مكسور الخاطر لا قعر له ولا مرسى ، يحرض الأشياء في غرفته دائما على العصيان أو الغرق ، ويبقى السؤال .هل فعلاً أنتصر ! وقام بقضمها كما تقول الأسطورة ، أم بقى معلقاً على بابها كتعويذة خروج وصلواتٍ على مذبحٍ من خيط نور!

1 التعليقات:

Unknown يقول...

الفاضلة / امينة عيد
رائع ما قمتي بكتابته ولكن كان لي تعليق ونقد بسيط الا وهو عدم الخلط في كتاباتك باللغة العربية وذلك بادخالك كلمات عامية لان ذلك يفقدك فصاحتها مثلا كلمة (استكانة)وكذلك حاولي دائما اذا بدأتي في وصف مجهول ان يتم في اخر الوصف تحويله للمعلوم وذلك لكي لا يكون القاريء تائه في كتاباتك مميولد لدى القاريء التوهان في كتاباتك ومن ثم التملل وذلك لان عقول القراء ليست متساوية يوجد منهم من يفهمك ومنهم لايفهمك فيجب عليكي ان تكوني على النوعين وذلك كي تكسبين اكبر قدر من محبي فنك الرائع.
هذا وتقبلي مني فائق التقدير
( خطيب الانثى)